( موارد صرف الزكاة )
تصرف الزكاة في ثمانية موارد:
( الأول والثاني : الفقراء والمساكين ) والمراد بالفقير من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله لنفسه وعائلته ، لا بالفعل ولا بالقوة ، فلا يجوز إعطاء الزكاة لمن يجد من المال ما يفي ــ ولو بالتجارة والاستنماء ــ بمصرفه ومصرف عائلته مدة سنة ، أو كانت له صنعة أو حرفة يتمكن بها من إعاشة نفسه وعائلته وإن لم يملك ما يفي بمؤونة سنته بالفعل ، والمسكين أسوأ حالاً من الفقير كمن لا يملك قوته اليومي.
( مسألة ٥٦۳ ) : يجوز إعطاء الزكاة لمن يدّعي الفقر إذا علم فقره سابقاً ولم يعلم غناه بعد ذلك ، ولو جهل حاله من أول أمره ــ فالأحوط لزوماً ــ عدم دفع الزكاة إليه إلاّ مع الوثوق بفقره ، وإذا علم غناه سابقاً فلا يجوز أن يعطى من الزكاة ما لم يثبت فقره بعلم أو بحجة معتبرة.
( مسألة ٥٦٤ ) : لا يضرّ بصدق عنوان (الفقير) التمكّن من تأمين مؤونته بالتكسّب بمهنة ، أو صنعة لا تناسب شأنه ، كما لا يضرّ به كونه مالكاً رأس مال لا يكفي ربحه بمؤونته وإن كانت عينه تكفي لذلك ، وكذلك لا يضرُّ به تملّكه داراً لسكناه وأثاثاً لمنزله وسائر ما يحتاج إليه من وسائل الحياة اللائقة بشأنه ، نعم إذا كان له من ذلك أكثر من مقدار حاجته وكانت تفي بمؤونته لم يعد فقيراً ، بل لو كان يملك داراً فخمة ــ مثلاً ــ تندفع حاجته بأقل منها قيمة وكان التفاوت بينهما يكفيه لمؤونته لم يعد فقيراً إذا بلغت الزيادة حدّ الإسراف بأن خرج عما يناسب حاله كثيراً وإلاّ لم يمنع من ذلك.
ومن كان قادراً على تعلّم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بمؤونته لا يجوز له ــ على الأحوط ــ ترك التعلّم والأخذ من الزكاة ، نعم يجوز له الأخذ منها في فترة التعلّم ، بل يجوز له الأخذ ما لم يتعلّم وإن كان مقصّراً في تركه ، وكذلك من كان قادراً على التكسّب وتركه تكاسلاً وطلباً للراحة حتى فات عنه زمان الاكتساب بحيث صار محتاجاً فعلاً إلى مؤونة يوم ، أو أيام فإنه يجوز له أن يأخذ من الزكاة وإن كان ذلك العجز قد حصل بسوء اختياره.
( الثالث : العاملون عليها ) من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام) أو الحاكم الشرعي أو نائبه.
( الرابع : المؤلّفة قلوبهم ) وهم طائفة من الكفار يتمايلون إلى الإسلام ، أو يعاونون المسلمين بإعطائهم الزكاة ، أو يُؤمَن بذلك من شرّهم وفتنتهم ، وطائفة من المسلمين شكّاك في بعض ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) فيعطون من الزكاة ليحسن إسلامهم ويثبتوا على دينهم ، أو قوم من المسلمين لا يدينون بالولاية فيعطون من الزكاة ليرغبوا فيها ويثبتوا عليها ، ولا ولاية للمالك في صرف الزكاة على المذكورين في المورد الثالث والرابع ، بل ذلك منوط برأي الإمام (عليه السلام) أو نائبه.
( الخامس : العبيد ) فإنّهم يعتقون من الزكاة ، على تفصيل مذكور في محلّه.
( السادس : الغارمون ) فمن كان عليه دَين وعجز عن أدائه جاز أداء دَينه من الزكاة ، وإن كان متمكّناً من إعاشةِ نفسه وعائلته سنة كاملة بالفعل أو بالقوة.
( مسألة ٥٦٥ ) : يعتبر في الدَين أن لا يكون قد صرف في حرام ، وإلاّ لم يجز أداؤه من الزكاة ــ والأحوط لزوماً ــ اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته ، فلو كان عليه دَين مؤجّل لم يحل أجله فلا يترك الاحتياط بعدم أدائه من الزكاة ، وكذلك ما إذا قنع الدائن بأدائه تدريجاً وتمكّن المديون من ذلك من دون حرج.
( مسألة ٥٦٦ ) : لا يجوز إعطاء الزكاة لمن يدّعي الدَين ، بل لا بدّ من ثبوته بعلم أو بحجة معتبرة.
( السابع : سبيل الله ) ويقصد به المصالح العامة للمسلمين كتعبيد الطرق ، وبناء الجسور والمستشفيات ، وملاجئ للفقراء ، والمساجد والمدارس الدينية ، ونشر الكتب الإسلامية المفيدة وغير ذلك مما يحتاج إليه المسلمون ، وفي ثبوت ولاية المالك على صرف الزكاة فيه إشكال ، فلا يترك الاحتياط بالاستئذان من الحاكم الشرعي.
( الثامن : ابن السبيل ) وهو المسافر الذي نفدت نفقته ، أو تلفت راحلته ولا يتمكّن معه من الرجوع إلى بلده وإن كان غنياً فيه ، ويعتبر فيه أن لا يجد ما يبيعه ويصرف ثمنه في وصوله إلى بلده ، وأن لا يتمكّن من الاستدانة بغير حرج ، بل ــ الأحوط لزوماً ــ اعتبار أن لا يكون متمكّناً من بيع ، أو إيجار ماله الذي في بلده ، ويعتبر فيه أيضاً أن لا يكون سفره في معصية ؛ فإذا كان شيء من ذلك لم يجز أن يعطى من الزكاة.
( مسألة ٥٦۷ ) : يجوز للمالك دفع الزكاة إلى مستحقّيها مع استجماع الشروط الآتية:
(۱) الإيمان ، ولا فرق في المؤمن بين البالغ وغيره ، ويصرفها المالك على غير البالغ بنفسه ، أو بتوسط أمين ، أو يعطيها لوليّه.
(۲) أن لا يصرفها الآخذ في حرام ، فلا يعطيها لمن يصرفها فيه ، بل ــ الأحوط لزوماً ــ اعتبار أن لا يكون في الدفع إليه إعانة على الإثم وإغراء بالقبيح ، وإن لم يكن يصرفها في الحرام ، كما أنّ ــ الأحوط لزوماً ــ عدم إعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر ، أو المتجاهر بالفسق.
(۳) أن لا تجب نفقته على المالك ، فلا يعطيها لمن تجب نفقته عليه كالولد والأبوين ، والزوجة الدائمة ، ولا بأس بإعطائها لمن تجب نفقته عليهم ، فإذا كان الوالد فقيراً وكانت له زوجة تجب نفقتها عليه جاز للولد أن يعطي زكاته لها.
( مسألة ٥٦۸ ) : يختص عدم جواز إعطاء المالك الزكاة لمن تجب نفقته عليه بما إذا كان الإعطاء بعنوان الفقر ، فلا بأس بإعطائها له بعنوان آخر ، كما إذا كان مديوناً أو ابن سبيل.
( مسألة ٥٦۹ ) : لا يجوز إعطاء الزكاة للزوجة الفقيرة إذا كان الزوج باذلاً لنفقتها ، أو كان قادراً على ذلك مع إمكان إجباره عليه ، كما أنّ ــ الأحوط لزوماً ــ عدم إعطاء الزكاة للفقير الذي وجبت نفقته على شخص آخر مع استعداده للقيام بها من دون منّة لا تتحمّل عادة.
(٤) أن لا يكون هاشمياً ، فلا يجوز إعطاء الزكاة للهاشمي من سهم الفقراء أو من غيره ، وهذا شرط عام في مستحق الزكاة وإن كان الدافع إليه هو الحاكم الشرعي، ولا بأس بأن ينتفع الهاشمي ــ كغيره ــ من المشاريع الخيرية المنشأة من سهم سبيل الله ، ويستثنى مما تقدّم ما إذا كان المعطي هاشمياً ، فلا تحرم على الهاشمي زكاة مثله ، وأما إذا اضطرّ الهاشمي إلى زكاة غير الهاشمي جاز له الأخذ منها ولكن ــ الأحوط لزوماً ــ تحديده بعدم كفاية الخمس ونحوه والاقتصار على قدر الضرورة يوماً فيوماً مع الإمكان.
( مسألة ٥۷٠ ) : لا بأس بأن يعطى الهاشمي ــ غير الزكاة ــ من الصدقات الواجبة أو المستحبة ، وإن كان المعطي غير هاشمي ــ والأحوط الأولى ــ أن لا يعطى من الصدقات الواجبة كالمظالم والكفارات.
( مسألة ٥۷۱ ) : لا تجب على المالك قسمة الزكاة على جميع الموارد التي يجوز له صرفها فيها ، بل له أن يقتصر على صرفها في مورد واحد منها فقط.
( مسألة ٥۷۲ ) : يجوز أن يعطى الفقير ما يفي بمؤونته ومؤونة عائلته سنة واحدة، ولا يجوز أن يعطى أكثر من ذلك دفعة واحدة على ــ الأحوط لزوماً ــ وأما إذا أعطيَ تدريجاً حتى بلغ مقدار مؤونة سنة نفسه وعائلته فلا يجوز إعطاؤه الزائد عليه بلا إشكال.