( زكاة الغلاّت الأربع )
يعتبر في وجوب الزكاة في الغلاّت الأربع أمران:
( الأول: بلوغ النصاب ) ولها نصاب واحد وهو ثلاثمائة صاع ، وهذا يقارب ــ فيما قيل ــ ثمانمائة وسبعة وأربعين كيلو غراماً(1)، ولا تجب الزكاة في ما لم يبلغ النصاب ، فإذا بلغه وجبت فيه وفي ما يزيد عليه ، وإن كان الزائد قليلاً.
( الثاني: الملكية حال تعلّق الزكاة بها ) فلا زكاة فيها إذا تملّكها الإنسان بعد تعلّق الزكاة بها.
( مسألة ٥٤۲ ) : تتعلّق الزكاة بالغلاّت حينما يصدق عليها اسم الحنطة أو الشعير ، أو التمر أو العنب ، إلاّ أن المناط في اعتبار النصاب بلوغها حدّه بعد يبسها ، حين تصفية الحنطة والشعير من التبن ، واجتذاذ التمر واقتطاف الزبيب ، فإذا كانت الغلة حينما يصدق عليها أحد هذه العناوين بحدّ النصاب ، ولكنها لا تبلغه حينذاك لجفافها لم تجب الزكاة فيها.
( مسألة ٥٤۳ ) : لا تتعلّق الزكاة بما يؤكل ويصرف من ثمر النخل حال كونه بُسراً (خلالاً) أو رطباً وإن كان يبلغ مقدار النصاب لو بقي وصار تمراً ، وأمّا ما يؤكل ويصرف من ثمر الكرم عنباً فيجب إخراج زكاته لو كان بحيث لو بقي وصار زبيباً لبلغ حدّ النصاب.
( مسألة ٥٤٤ ) : لا تجب الزكاة في الغلاّت الأربع إلاّ مرة واحدة ، فإذا أدّى زكاتها لم تجب في السنة الثانية ، ولا يشترط فيها الحول المعتبر في النقدين والأنعام.
( مسألة ٥٤٥ ) : يختلف مقدار الزكاة في الغلاّت باختلاف الصور الآتية:
(الأولى): أن يكون سقيها بالمطر ، أو بماء النهر ، أو بمصّ عروقها الماء من الأرض ونحو ذلك مما لا يحتاج السقي فيه إلى العلاج ، ففي هذه الصورة يجب إخراج عشرها (۱٠%) زكاة.
(الثانية):أن يكون سقيها بالدلو والرشا ، والدوالي والمضخّات ونحو ذلك ، ففي هذه الصورة يجب إخراج نصف العشر (٥%).
(الثالثة): أن يكون سقيها بالمطر أو نحوه تارة ، وبالدلو أو نحوه تارة أُخرى ، ولكن كان الغالب أحدهما بحدٍّ يصدق عرفاً أنه سقي به ، ولا يعتدّ بالآخر ، ففي هذه الصورة يجري عليه حكم الغالب.
(الرابعة): أن يكون سقيها بالأمرين على نحو الاشتراك ، بأن لا يزيد أحدهما على الآخر ، أو كانت الزيادة على نحو لا يسقط بها الآخر عن الاعتبار ، ففي هذه الصورة يجب إخراج ثلاثة أرباع العشر (۷.٥%).
( مسألة ٥٤٦ ) : المدار في التفصيل المتقدّم في الثمرة عليها لا على شجرتها ، فإذا كان الشجر حين غرسه يُسقى بالدلاء مثلاً فلما بلغ أوان إثمارها صار يمص ماء النزيز بعروقه وجب فيه العشر (۱٠%).
( مسألة ٥٤۷ ) : إذا زرع الأرض حنطة ــ مثلاً ــ وسقاها بالمضخّات أو نحوها ، فتسرّب الماء إلى أرض مجاورة فزرعها شعيراً فمصّ الماء بعروقه ولم يحتج إلى سقي آخر فمقدار الزكاة في الزرع الأول (٥%) وفي الزرع الثاني (۱٠%) على ــ الأحوط لزوماً ــ ومثل ذلك ما إذا زرع الأرض وسقاها بعلاج ثم حصده وزرع مكانه شعيراً مثلاً فمصّ الماء المتخلّف في الأرض ولم يحتج إلى سقي جديد فإنّ ــ الأحوط لزوماً ــ ثبوت الزكاة فيه بنسبة (۱٠%).
( مسألة ٥٤۸ ) : لا يعتبر في بلوغ الغلاّت حدّ النصاب استثناء ما صرفه المالك في المؤن قبل تعلّق الزكاة وبعده ، فلو كان الحاصل يبلغ حدّ النصاب ولكنه إذا وضعت المؤن لم يبلغه وجبت الزكاة فيه ، بل الأحوط لزوماً إخراج الزكاة من مجموع الحاصل من دون وضع المؤن ، نعم ما تأخذه الحكومة من أعيان الغلاّت لا تجب زكاته على المالك.
( مسألة ٥٤۹ ) : إذا تعلّقت الزكاة بالغلاّت لا يتعيّن على المالك تحمّل مؤونتها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء ، فإنّ له المخرج عن ذلك بأن يسلّمها إلى مستحقّها ، أو الحاكم الشرعي وهي على الساق ، أو على الشجر ثم يشترك معه في المؤن.
( مسألة ٥٥٠ ) : لا يعتبر في وجوب الزكاة أن تكون الغلّة في مكان واحد ، فلو كان له نخيل أو زرع في بلد لم يبلغ حاصله حدّ النصاب ، وكان له مثل ذلك في بلد آخر ، وبلغ مجموع الحاصلين في سنة حدّ النصاب وجبت الزكاة فيه.
( مسألة ٥٥۱ ) : إذا ملك شيئاً من الغلاّت وتعلّقت به الزكاة ثم مات وجب على الورثة إخراجها ، وإذا مات قبل تعلّقها به انتقل المال بأجمعه إلى الورثة ، فمن بلغ نصيبه حدّ النصاب ــ حين تعلّق الزكاة به ــ وجبت عليه ، ومن لم يبلغ نصيبه حدّه لم تجب عليه.
( مسألة ٥٥۲ ) : من ملك نوعين من غلة واحدة كالحنطة الجيدة والرديئة ، جاز له إخراج الزكاة منهما مراعياً للنسبة ، ولا يجوز إخراج تمامها من القسم الرديء على ــ الأحوط لزوماً ــ.
( مسألة ٥٥۳ ) : إذا اشترك اثنان أو أكثر في غلّة ــ كما في المزارعة وغيرها ــ لم يكفِ في وجوب الزكاة بلوغ مجموع الحاصل حدّ النصاب ، بل يختصّ الوجوب بمن بلغ نصيبه حدّه.
[۱] إنّ نصاب الغلاّت قد حدّد في النصوص الشرعية بالمكاييل التي كانت متداولة في العصور السابقة ولا تعرف مقاديرها اليوم بحسب المكاييل السائدة في هذا العصر ، كما لا يمكن تطبيق الكيل على الوزن بضابط عام يطرد في جميع أنواع الغلاّت لأنها تختلف خفة وثقلاً بحسب طبيعتها ولعوامل أُخرى ، فالشعير أخف وزناً من الحنطة بكثير كما أن ما يستوعبه المكيال من التمر غير المكبوس أقل وزناً مما يستوعبه من الحنطة لاختلاف أفرادهما في الحجم والشكل مما تجعل الخلل والفُرَج الواقعة بين أفراد التمر أزيد منها بين أفراد الحنطة ، بل إن نفس أفراد النوع الواحد تختلف في الوزن بحسب اختلافها في الصنف وفي نسبة ما تحمله من الرطوبة ، ولذلك لا سبيل إلى تحديد النصاب بوزن موحّد لجميع الأنواع والأصناف ، ولكن الذي يسهّل الأمر أنّ المكلّف إذا لم يحرز بلوغ ما ملكه من الغلة حدّ النصاب لا يجب عليه إخراج الزكاة منه ومع كونه بالمقدار المذكور في المتن يقطع ببلوغه النصاب على جميع التقادير والمحتملات.