أبرز مراحل الهدم والعدوان على العتبات المقدسة في كربلاء
أبرز مراحل الهدم والعدوان علي العتبات المقدسة في كربلاء إن تقتيل وإرعاب الزائرين لها والتخريب والاعتداء علي منشآتها ورموز قداستها، سمات لازمت عتبات كربلاء المقدسة مذ وجدت لبناتها الاولي بعد انطواء الصفحة العسكرية من ملحمة الطف الخالدة في العاشر من محرم عام 61 ه، حتى عندما كانت تلك المراقد الطاهرة، مجرد شواهد بسيطة كتلك التي توضع للقبورالعادية. والمتتبع لسلسلة الحوادث الكثيرة تلك، والتي مازالت مستمرة حتى هذا اليوم مع اختلاف في الأساليب، يؤشر إلى خوف الطغاة ومتبعي سبل الضلال، من هذه الرموز العظيمة التي طهرت هذه البلاد وأنارت طريق الأحرار فيه وفي غيره من بلاد المعمورة، والتي يبدوأنها تذكر من يعتدي عليها بخواء نهجه وبقرب زوال ظلمه، خاصة إن كان من الحكام، فيحاولون لأجل ذلك طمس معالمها وحجب شمس حقيقتها بغربال باطلهم، كما أنها في كل عصر - ولكونها الشاهد الحاضر - وقبل كل ذلك تحرض المظلومين على الثورة ضد الطغاة رغم قلة الناصر وضعف العدة وتبشرهم بالنصر ولو بعد حين. كما أن شواهد التأريخ تؤكد هوان الذين كان يظنون انهم بأعمال اعتدائهم هذه سيتمكنون من أن يطفئوا نور الله ليتمكنوا من تثبيت ملكهم وسلطانهم، فبئس ما فعلوا وكان الخزي والخسران نصيبهم الأوفر، وذلك تأييدا لما أكدته السيدة زينب الكبرى ابنتة أمير المؤمنين عليهما السلام لمولانا الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام حيث قالت: «ينصبون علما لقبر أبيك الحسين لا يدرس اثره ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والايام وليجتهدن ائمة الكفر واشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد اثره إلا ظهورا وامره الا علوا » ( 1 ) وكلامها عليهما السلام له عليه السلام أيضا حيث قالت «لقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة وهم معروفون من أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة وهذه الجسوم المضرجة فيوارونها، وينصبون بهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ولا يعفو رسمه، على كرور الليالي والأيام »إلى أن تقول« ثم يبعث الله قوما من أمتك لا يعرفهم الكفار، لم يشركوا في تلك الدماء بقول ولا فعل ولا نية فيوارون أجسامهم ويقيمون رسما لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء يكون علما لأهل الحق وسببا للمؤمنين إلى الفوز » ( 2 ) وقد يضيق المقام بذكر كل تلك الحوادث لو استطعنا إحصائها منذ بدئها، لكننا سنحاول جاهدين ذكر ما أحصيناه منها (فما لا يدرك كله لا يترك جله) وسنقسم الحوادث وفق القرون الهجرية. ولعل الفترة التي مضت على القبر المطهر من بعد ملحمة الطف إلى أواخر الدولة الأموية، كانت أهدأ دور مضى على الحائر لأنهم اكتفوا - حسب الظاهر - بما اقترفوه من جرائم وآثام لم يشهد التاريخ لها مثيلا، جرت كلها بحق الإمام الحسين واهل بيته واصحابه عليهم السلام في تلك الواقعة وما تلاها من عذابات السبي، مما حدا بعبد الملك بن مروان أن يكتب إلى عامله الحجاج بن يوسف الثقفي بقوله له: ((جنبني دماء آل أبي طالب فإني رايت الموت استوحش من آل حرب حين سفكوا دمائهم)) ، فكان الحجاج ممتثلا لذلك الأمر، خوفا من زوال ملكهم الطاغي لا خوفا من الله!، متجنبين دماء آل بيت النبي صلى الله عليه وآله، ولهذا السبب، or لغيره لم تتعرض مراقد كربلاء المقدسة من الأمويين كما تعرض لها بعد ذلك العباسيون ( 3 )، عدا أن أولئك أقاموا المخافر والمسالح المدججة بالعتاد والسلاح والرجال على اطراف كربلاء لمطاردة الزوار ومعاقبتهم بأقسى العقوبات من القتل والصلب والتمثيل بهم، وأكمل ذلك الدولة العباسية على إثر انقراض دولة الأمويين، فسن العباسيون أسوأ السنن بالتعرض للحائر المقدس، وهدمه وما حوله. الهوامش ------------- ( 1) مقطع من حديث طويل في كامل الزيارات: لابن قولويه ص 260 حتي 266. (2) المصدر السابق. (3) بتصرف من: تأريخ كربلاء الحسين عليه والسلام وحائر / الدكتور عبد الجواد الكليدار: ص 192-193.